وظف ببطء وافصل بسرعة
الموظف المناسب قادر على إحداث كل الفارق”.. هذه الجملة تلخص رأي باتريك هال، رائد الأعمال الأمريكي، في أهمية اختيار أي شركة لموظفيها ، ومدى تأثير على نمو هذه الشركة.
لكي تكون رائد أعمال صاحب مشروع ناجح، يجب ان تكون لديك القدرة على تعيين الموظف الكفء في فريق عملك، من هو قادر ان يحقق الأهداف المطلوبة منه ويضيف جديد لفريقه، وفي نفس الوقت، طريقة تعاملك مع الموظف السئ من يأثر بالسلب على درجة نمو شركتك … لذلك، ظهرت استراتيجية “وظف ببطء وافصل بسرعة”.
الاستراتيجية معتمدة على ان تعيين الموظفين ببطء يساهم في قياس مدى درجة توافقهم مع طبيعة العمل، ويساعد على نمو الشركة من خلال تحقيقهم للأهداف المطلوبة منهم، وفي نفس الوقت عملية فصل أو الاستغناء عن خدمات الموظف السيء بسرعة تقلل من درجة تأثيره السلبي على معدلات نمو فريق العمل.
باتريك هال يرى ان رغم الانتقادات الموجهة للاستراتيجية ووصفها إنها (قاسية) نوعًا ما، وانها لا تعطي الموظف السئ أي فرصة لكي يحسن من نفسه أو حتى تراعي ارتفاع نسبة البطالة على مستوى العالم، إلا إن تطبيقها مهم جدًا خاصة في الشركات الناشئة، لماذا ؟!
-“كثافة الموهبة”:
من ضمن أبرز الحاجات التي تصرف عليها الشركات الناشئة في البداية هي فريق عملها، وبالتالي يكون مهم جدًا بالنسبة لها ان هذا الفريق يكون صغير، مٌبدع ومنتج في نفس الوقت، لكي تستطيع ان تحقق مقولة ريد هاستينجز، المدير التنفيذي لـ”نتفليكس”، قال عليه “كثافة الموهبة”.
ولكي تتواجد هذه الصفات في نفس التوقيت، لزم على صاحب الشركة ان يكن عنده: الصبر الكافي في التعرف على إمكانيات أي مرشح محتمل لوظيفة في فريق العمل بتاعه، والقدرة على التحديد الدقيق لمتطلبات الوظيفة، وبالتالي اختيار الشخص يمتلك إمكانية أكبر على الإبداع وتنفيذ المهام المطلوبة منه فيها.
-التأكد من تناغم الموظف مع فريق العمل:
تناغم الموظف وقدرته على التأقلم السريع مع زملاؤه، سواء من ناحية الفكر أو الشخصية أو السلوكيات، والتعاون معاهم في سبيل تحقيق أهداف الشركة، من ضمن أهم وأبرز الأسباب التي تؤدي لنجاح الشركات الناشئة تحديدًا مقارنة بالشركات الكبيرة، والعكس صحيح.
استخدام استراتيجية “وظف ببطء وافصل بسرعة” تساعد بشكل كبير على تحقيق الهدف، وبأكثر من طريقة، مثل: الاعتماد مثلًا على أكتر من مقابلة عمل لاختبار كل مرشح، وإشراك أعضاء فريقك الحالي في عملية توظيف الموظفين الجدد، وبالتالي تكوين أكتر من وجهة نظر حول أحقية الشخص في إنه يشتغل في شركتك.
بالإضافة لذلك، جريج ماكيون، المحاضر والخبير في شئون الإدارة، وفي مقالة له بموقع “هارفارد بيزنس ريفيو”، يقول عن طريقة مميزة بتستخدمها شركة “فيتسو” الأمريكية للآثاث في تطبيقها للاستراتيجية ، عشان تقدر من خلالها تحدد إذا ما كان الشخص من الممكن ان يتناغم مع سياستها ام لا.
“فيتسو” بعد تنفيذها مقابلات Interviews مع عدد من المرشحين لأي وظيفة تنزلها، تطلب منهم إنهم ياتو للعمل معاها لمدة يوم واحد على سبيل التجربة.
في احدى المرات، طلبت “فيتسو” من مرشح محتمل لوظيفة عندها إنه يأتي يعمل معاها يوم كتجربة من خلال ان يساعد في تركيب رف من الرفوف، ورغم تخطي هذا المرشح لكل الاختبارات الفنية ونجاحه في تركيب الرف باحترافية، إلا انه بعد ما انتهى رمى الأدوات بشكل غير منظم، ولهذا البسبب اتفقت إدارة الشركة كلها إن هذا الفرد لن يكون منظم في عمله على المدى البعيد وبالتالي لن يتناسب مع سياسة العمل وممكن يؤثر بالسلب على أداء جميع فريقه، ولذلك رفضوا تعيينه!
كان من الممكن طبعًا إدارة “فيتسو” تعالج مشكلة التنظيم عند الموظف من خلال انها بعد ما توظفه تعطيه تدريب مصغر ليتعرف من خلاله على سياسة الشركة على آمل ان يتوافق معاها في المستقبل، ولكنها كانت ببساطة ترى ان طالما كان ليس منظم من أول يوم عمل له، فلن يكون منظم بعد ذلك، لإن ببساطة هذا الموضوع لم يكن موجود في شخصيته من البداية.
هذا نفس ما يأكده رائد الأعمال الأمريكي بوبا بايج، حيث ينصح أي صاحب بيزنس جديد إنه وبمجرد ما يلاقي أي موظف لا يستطيع ان يتناسب مع طبيعة الشركة أو مع فريق العمل “لا ينتظر 6 شهور على امل إن الموظف يتحسن، ويطرده مباشره !”.
-“إما أن تسبح أو تغرق”:
هذا المثل ممكن تطبيقه على طبيعة العمل في أي شركة ناشئة، وهذا مثلًا جعل أحمد الخطيب، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة “ماركة في.أي.بي” الناشئة للتجارة الالكترونية، يستعين في هذه الاستراتيجية حتى ينجح شركته.
“الخطيب” أكد إنه يفصل أي موظف من عنده خلال أقل من شهر لو تأكد ان هذا الموظف ليس مناسب لشركته، وهذا ما جعله أخيرًا يستقر على 350 موظف مناسب للشركة بعد تجربة أكتر من 1500 موظف.
“الخطيب” أكد ان هذا الأسلوب يعود جميع الموظفين على انهم ينتجوا ويبدعوا تحت أي ضغط، خاصة وان الشغل في الشركات الناشئة دايمًا يحتاج لذلك.
لكي تستطيع تطبيق استراتيجية “وظف ببطء وافصل بسرعة”، لازم تكون حازم في قراراتك، قادر على إنك تتحمل أي مخاطر ناجمة عن هذه القرارات ، وفي نفس الوقت لما تتخلى عن موظف غير مناسب لشركتك، حاول يكون الموضوع بأقصى درجات الاحترافية والاحترام، خاصة وان سمعة إنك “تطرد الموظفين بسرعة” ممكن تبعد عنك أي موظف عنده القدرة إنه يطور من شركتك بعد ذلك، لإنه ببساطة سيخاف إنك تعمل معاه كما عملت مع من هم قبله.