هل تؤثر التنشئة البيئية علي عقلية رائد الأعمال؟
كانت إحدى الفرضيات الأساسية التي يقوم عليها التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هي تركيز كل الاهتمام للمناطق الحضرية على حساب المدن الصغيرة والمناطق الريفية التي شعرت بأنها متخلفة عن غيرها من الفوائد التي حققتها العولمة.
على هذا النحو، كانت هناك العديد من المقترحات المصممة لإشعال الابتكار والنمو الاقتصادي في المناطق الريفية، وذلك من خلال وكالات الابتكار الإقليمية المختلفة. ومع ذلك، فإن العديد من هذه الوكالات في تنوعها الامتناهي، وحقيقة أن النمو الاقتصادي لم ينشأ بالتساوي في جميع أنحاء المملكة المتحدة ليس مؤشرا جيداً على أن هذه الهيئات مجهزة لتقديمها في المستقبل.
تشير دراسة حديثة من جامعة إيست أنجليا وجامعة دي مونتفورت إلى أن هناك حاجة لسياسات محددة لدعم الابتكار الريفي بدلاً من تكييف تلك المصممة للمناطق الحضرية.
يعتقد المؤلفون أن الطريقة التي ينظر بها أصحاب المشاريع إلى مكان إقامتهم هي أمر أساسي لآرائهم حول ريادة الأعمال ، وبالتالي يجب وضع السياسات مع وضع هذا التصور في المكان في الاعتبار. يميز الباحثون بين أربعة أنواع مختلفة من رواد الأعمال بناءً على علاقتهم بالموقع الذي استندوا إليه في بدء أعمالهم
فهناك رواد الأعمال المحليين، الذين أنشأوا أعمالهم في المكان الذي عاشوا فيه حياتهم بأكملها. و علي نقيض هناك رواد الأعمال العائدون، الذين غادروا مسقط رأسهم بسبب الدراسة أو غيرها من الأسباب. أما الفئة الثالثة فكانت “من المهاجرين” ، الذين ولدوا في أماكن أخرى في المملكة المتحدة قبل الانتقال إلى المنطقة التي أنشأوا أعمالهم التجارية ، ثم المهاجرين الذين أتوا من بلد آخر.
يشير المؤلفون إلى أن العديد من الخصائص الفريدة للمواقع الريفية ، مثل الجمال الطبيعي والتراث التقليدي ، لا يتم وضعها في الحسبان في السياسات المصممة لتشجيع ودعم ريادة الأعمال.
حيث يقترحون أن أصحاب المشاريع الريفية الأكثر نجاحًا يجلبون روابط من أماكن آخري لضمان حصولهم على المعرفة والروابط اللازمة للنمو.
إنه اكتشاف مشابه لذلك الذي تم توفيره من خلال تحليل الشركات الناشئة في المناطق الريفية في بلدان آخري والذي كشف أن رأس المال البشري أمر حيوي، حيث أن العديد من المجتمعات الريفية تفتقر إلى الموارد البشرية المماثلة لنظرائها في المناطق الحضرية، من الضروري أن يعمل رواد الأعمال بجد إضافي لتطوير شبكة المعارف لديهم. حيث أن شبكة المعارف تلك تساعد راجال الأاعمال المهاجرين للنجاح و توسيع نطاقهم.
ولكن علي الرغم من ذلك، يعتقد الباحثين أن أبحاثهم لها آثار واضحة على سياسات الابتكار التي تهدف إلى تعزيز روح المبادرة في المناطق الريفية، لكن في حقيقة الأمر أن هذه الاستراتيجيات تفشل في إيجاد مكان مناسب للأصحاب المشروعات في المناطق الريفية.
بدلاً من ذلك ، فإنها تميل إلى التركيز على تطوير مجموعات الابتكار في مناطق محددة، بعيداً عن المناطق الريفية. و هذا ما يدفع الكثير من رواد الأعمال و أصحاب المشروعات إلي النزوح من قريتهم إلي المدن الكبيرة حتى يحظي مشروعهم بالإهتمام و الدعم المطلوبان.
مما أدي إلي احتاج أهالي عذع المناطق و حث الحكومات علي وضع سياسات تأخذ في الاعتبار تعقيد الحياة الريفية ويدعم تنوع روح المبادرة التي تحدث هناك. وعدم اتباع منهجية ” مقاس واحد يناسب الجميع.”
بالنظر إلى الدور الحاسم الذي يلعبه رأس المال البشري في نمو أي شركة ناشئة ، يوصي المؤلفون بأن يسعى صانعو السياسة إلى بذل المزيد من الجهد لتوثيق الروابط بين شبكات الابتكار. سيسمح ذلك لرجال الأعمال الريفيين بتطوير وصيانة الروابط التي يحتاجون إليها للعثور على العملاء والتمويل ، والحصول على موافقة الجهات التنظيمية ، وتأمين الدعم العلمي والأكاديمي ، ومختلف الموارد الأخرى التي من المؤكد أنها ستقيم خارج منطقتهم.
سيسمح لهم أيضًا بتوسيع فريقهم إلى ما وراء أفراد العائلية أو سوق العمل المحلي، مع السماح أيضًا لأصحاب المشاريع أنفسهم بالتعاون وتبادل خبراتهم الشخصية مع بعضهم البعض.