من الممكن أنك قد سمعت من قبل بمصطلح «Content Marketing»، وهذا المصطلح يمكن أن يدل على شيئين مختلفين، فالكلمة على العموم يمكن أن تعني إما التسويق بالمحتوى أو تسويق المحتوى وهاذين المصطلحين لهم أدوار مختلفة. فالتسويق بالمحتوى يشير إلى التسويق بالاعتماد على المحتوى أي بإنتاجه أو توفيره ثم التسويق عبره لاحقا، وتسويق المحتوى يشير إلى تسويق المحتوى نفسه أو العمل على إيصاله إلى الجمهور المستهدف. وفي هذا المقال لن أتحدث عن تسويق المحتوى بل عن التسويق بالاعتماد على المحتوى.
قبل عدة سنوات كان التسويق عبارة عن عملية سهلة نوعا ما لبيع منتج معين أو خدمة ما، بحيث يتم عرض المنتج أو الخدمة أمام العميل المحتمل ليباشر هذا العميل عملية الشراء. نعم الأمر كان بهذه السهولة، فإذا كنت ممن استخدموا التسويق الإلكتروني، كالتسويق عبر البريد الإلكتروني مثلا في سنة 2009 فإنك بالتأكيد عشت هذه اللحظة، حيث كانت عملية البيع لا تتطلب سوى العرض. لكن في يومنا هذا الأمر لم يعد بتلك السهولة، بل صار مستحيلا في بعض الحالات أن تبيع فقط بالعرض وهذا راجع إلى سبب واحد هو الوفرة أو وفرة العرض وشدة المنافسة، وهذا قانون السوق المعروف منذ الأزل، بحيث كلما تغلب حجم العرض على الطلب صار تحقيق عمليات البيع يتطلب أكثر من العرض.
من هنا ظهر منقذ يدعى التسويق بالمحتوى، رغم صعوبته إلا أنه أثبت جدارته. والتعريف المبسط للتسويق باستخدام المحتوى هو إنتاج وتوفير محتوى ذو صلة، ومناسب، وذو قيمة ويمكن أن يتمثل هذا المحتوى على شكل مقالات، فيديو، صور، أنفو غرافيك وما إلى ذلك. يتم توفير هذا المحتوى من قبل العلامات التجارية لصالح العملاء والعملاء المحتملين. بحيث يتم تزويدهم بهذا المحتوى بشكل مجاني طبعا، لأنه في ظل كل هذه المنافسة ووفرة العرض صار التميز أمرا لابد منه ولكي تحقق التميز في نظرة الزبون يجب عليك أن تقدم له نفعا أو فائدة من نوع ما. والرسالة هنا واضحة من طرف الزبون وهي “أعطني سببا لأشتري منك لا من غيرك”. فإذا كنت تبيع الملابس على سبيل المثال وأغرقت صندوق البريد الإلكتروني لعميلك بإعلانات المنتجات فهذا لن يجعله يشتري منك بل سيجعله منزعجا من تصرفك وعدم احترامك له من خلال استغلالك الواضح له وما ينتج عن هذا ليس عمليات البيع بل عمليات إلغاء الاشتراك من قائمتك البريدية. أما إذا كنت ترسل لعميلك بين الفينة والأخرى رسائل تحمل في طياتها معلومات أو نصائح مجانية يمكن أن يستفيد منها عميلك من دون الحاجة إلى الدفع مقابلها فهذا يترك لديه انطباعا إيجابيا، ولن يتردد في تفقد رسائلك الترويجية وفي الكثير من الأحيان يكون سعيدا بالشراء منك، ويكون أسعد باقتراح علامتك التجارية على أصدقائه ومعارفه، ونشر كلمة امتنان واحترام حولها.
الغاية الواضحة من التسويق بالمحتوى باختصار، هي تقديم سبب للزبون لكي يستمر في متابعتك والشراء منك وهذا السبب يكون عبر تزويد العميل بالشيء الوحيد الذي يمكنه استهلاكه أثناء تواجده على الشبكات الاجتماعية أو شبكة الإنترنت بشكل عام وهو المحتوى، وهذا المحتوى يمكن أن يتمثل كما أشرت من قبل في مقالات، دليل، نصائح، فيديو، بودكاست… وما إلى ذلك. وبالتأكيد فإن إنتاج المحتوى ليس بالأمر الهين، بل يتطلب حسا إبداعيا مرفقا ببعض المهارات المطلوبة كمهارات الكتابة، التصميم، وايصال الفكرة أو المعلومة بطريقة سلسلة وممتعة.
على هذا الأساس صار امتلاك مدونة أو قسم مخصص للمعلومات والمقالات في موقعك الإلكتروني أمرا مهما لا يجب أن تغفل عنه، وأيضا لابد من وضع استراتيجية مخصصة لتسويق المحتوى سواء عن طريق محركات البحث من خلال تحسين السيو “SEO” الخاص بموقعك، أو عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة أو كلاهما معا.
