اطروحات

لماذا تخسر الشركات الناشئة؟

قد يبدو هذا السؤال كبيرا وقد يبدو مربكا إذ أن اول ما يخطر في بالك من إجابات تعكس بالدرجة الأولى تجربتك وإنطباعك وربما تكون إجابتك الآن غير إجابتك بعد قليل وغير إجباتك بعد ساعة او بعد يوم لأن الأسباب تبدو لك ممتدة ومتعددة وقد لا تقف عند حد معين ويمكنك إذا كنت خبيرا كفاية ان تجيب بتصنفيف من شاكلة.

الأسباب الداخلية والخارجية لخسارة الشركات

ان هناك أسبابا خارجية وأسبابا داخلية لخسارة الشركات قد تجتمعان فتسببان الخسارة او يكفي لأي واحد من النوعين ان يسبب الخسارة, وسيغيب عن ذهنك حينها انه وفي كثير من الأحيان ليس هناك إنفصال فعلي مابين هو داخلي وما هو خارجي في عالم الأعمال بل إنني ازعم ان الشركة نفسها تبدو في كثير من الأحيان كإنعكاس لشخصية وصفات وطبائع مؤسسها او مديرها التنفيذي المختص.

وعند الإنشاء فإن الأحلام الوردية والطموحات الجامحة تغرر بالكثيرين ,بل إن بعض الدراسات تشير إلى ان 80% من الشركات تفشل في السنة الأولى و 95% تفشل خلال الخمس سنوات الأولى..وهناك عدة اسباب سأوضح بعضها بشكل مبسط كما يلي:

عدم وجود الميزة التنافسية

إذ ان كثيرا جدا من الأعمال تنشأ تقليدا لعمل شركة اخرى تقدم منتج أو خدمة ينظر لها من الخارج كعمل ناجح دون تروي ودون تحديد الميزة النسبية التي تميز بالضبط هذا العمل -المنتج او الخدمة- المستحدث عن ذلك الموجود مسبقا وكما يقول جاك ويلش –اشهر مدير تنفيذي في القرن العشرين-: “إذا لم يكن لديك ماتنافس به فلا تنافس” وأسوأ ميزة تنافسية ينشأ بسببها عمل هي ميزة ” السعر الأرخص” لأن جينات الخسارة في هذه الحالة تكون قد اوجدت عند التأسيس.

عدم وجود خطة عمل

ومايهم هنا ليس درجة جودة الخطة بل ما يهم هو وضوحها كإجابة لسؤال عندما يحدث ماذا؟ يتوجب عليك ان تقوم بماذا؟ وتذكر ان روح العمل داخل الشركة يمكن ان تهزم أي خطة عمل مهما كانت درجة جودتها.

عدم فهم حاجات السوق

وهذا يفترض ان يعود بك للأحلام او الطموحات الجامحة إذ عليك ان تعرف ان شركتك يجب ان تقدم خدمة او منتج لزبون راغب ومحتاج والنتيجة الثانوية هي نجاح عملك او إزدهاره او حتى غناك الشخصي فلا احد يدفع لك المال لكي تغتني بل يدفع لك المال لأن لديك مايرغب فيه الآخرين وغناك هو نتيجة ثانوية.

الشراكة الخاطئة

إفهم هذا لا يمكنك في هذا العالم ان تقوم بكل شئ بنفسك مهما كانت درجة إستعدادك وتأهيلك ولن ترى نجاحا يستحق إلا بمشاركة الآخرين سواء بجهدهم او مالهم او معرفتهم او علاقاتهم, ومع ذلك فإن الشريك الخاطئ يمكن ان يكون تأثيره كتأثير السم في الطعام فكن متنبها وتذكر ان الاعمال التجارية في نهاية المطاف ليست سوى حسابات بلا تعقيد وكل التعقيد يوجد في نفوس البشر.

عدم وضوح الرؤية

الشركات الناجحة كالأشخاص الناجحين ينبغي ان يكون لديها رؤية للمتغيرات السوقية الممكنة وكذلك لوضع ومكانة الشركة في المستقبل, إن التركيز المحدود على بيع المنتج او الخدمة اليوم دون وجود رؤية مستقبلية لما هو آت يشبة تماما عبور الشارع دون الإلتفات يمينا ويسارا, قد تنجو بهذه المغامرة مرة ومرتين لكنك حتما ستدهس ذات يوم, ولو إلتبست عليك الرؤية مع الخطة تذكر ان الرؤية هي إجابة لسؤال “لماذا تقوم بما تفعله؟” اما الخطة فهي إجابة لسؤال “كيف تقوم بما تفعله؟”.

السيطرة على الموظفين

كمؤسس تميل عادة للسيطرة على الموظفين وتفرض كل كبيرة وصغيرة عليهم بإعتبار انها شركتك وألا احد يفهم ما يجب القيام به مثلك ولكن هناك حقيقتان يجب ان تعرفهما, الأولى: ان البشر بطبعهم متمردين ويميلون للخروج من سيطرتك واوامرك وإن اطاعوك اليوم لحاجتهم فسيجدون أي طريقة للتمرد عليك غدا,وما يجب عليك ان تتحكم به هو العمل المطلوب وليس الموظفين, كن واضحا فيما تريده منهم وحدد موعدا لإنجازه واترك لهم الكيفية التي يختارونها للإنجاز مادامت أخلاقية وقانونية, وبذلك تنجح معهم بأكثر بكثير من محاولة دفعهم لطاعتك.

اما الحقيقة الثانية فأقولها لك بمثال: عندما تذهبت لطبيب تشكو ألمك وما تعانيه بعد فترة قد يطلب منك الطبيب ان تصمت وعند تلك اللحظة يكون الطبيب قد عرف مرضك وما ينبغي عليه القيام به وهو بذلك يعرف مرضك أكثر منك رغم انك المريض الذي يحس بالألم, او بمثال آخر إذا ذهبت لمحامي وشرحت له شكواك فعند نقطة معينة يكون هو اعلم منك بالذي يجب القيام به رغم انك صاحب المشكلة وليس المحامي –بإفتراض ان الطبيب والمحامي كانا بارعين-, وهكذا عليك ان تعرف ان شركتك وعملك وتجارتك يمكن ان يقوم بها غيرك بطريقة احسن منك والسؤال هو أين تجده؟ وهل تستطيع الإعتماد عليه؟.

نقص المال

قد يكون هذا السبب خطر في بالك مبكرا وقد تعمدت تأخيره لانه ليس المشكلة الأبرز في خسارة الشركات الناشئة ان ما يجب عليك التركيز عليه بقوة هو ما الذي ستفعله ان وجدت المال؟ وماهي درجة موثوقيتك من النجاح إن وجدت المال المطلوب؟ ومرة أخرى ارجو الا تغرق هنا في امانيك واحلامك بل كن واضحا مسببا قدر ما تستطيع.

والأمر أشبه بأرض زراعية انت تملكها وتعتقد ان الماء وحده ينقصها ولكن قبل وصول الماء يجب عليك ان تقوم بحرثها وتخطيطها وتحديد مالذي تنوي زراعته فيها وماهي تكلفته وماهو مردوده ..الخ لأن الماء إذا وصلك قبل ان تقوم بكل ذلك فسيتبدد في الارض ويغرقها وتمتص الارض منه ما تمتص وتبخر الشمس منه ما تبخر وتعود أرضك خالية الوفاض كما كانت.

النجاح السريع

قد يبدو غريبا هذا السبب في خسارة الشركات الناشئة لكنها الحقيقة إن النجاح المبكر لشركتك يغريك ويعميك ويضخم كثيرا من غرورك وبالتالي تظن بكل براءة إن ما حققته سيدوم او ان ازدهارك غير قابل للإضمحلال وهنا بالضبط يكمن الخطر فكما يقال لاشئ في هذا العالم ثابت لا يتغير إلا أجساد الموتى وأفكار الحمقى.

ضعف المبيعات

مهما كان المنتج او الخدمة التي تقدمها مبهرة فإنها لا تعني شيئا إذا لم تباع ولم يدفع في مقابلها المال وشركتك تتوقف حتما على ذلك, المبيعات هي أوكسجين الشركة,عليك ان تدرك وبوضوح متى تبيع؟ وكيف؟ ولماذا يدفع لك المال؟ إن بقاءك في السوق يعتمد على درجة تحملك لكن فناءك حتمي إذا لم تحقق أي مبيعات.

نقص التركيز

او بعبارة أخرى محاولة القيام بعدة أشياء في الوقت الواحد, تخصص كشركة في امر ما وكن كأجود مايمكن قبل ان تجرب شيئا آخر, إن القاعدة الأهم هي ان تدرك ان “الكيف هو ضحية الكم” في كل شئ, وكمثال هناك اربعة انواع وثمانية تقنيات للتنفس وفي الغالب انت لم تسمع بها لانك تتنفس منذ يوم ولادتك ولم تفكر للحظة ان الكمية التي تتنفسها ضحت بالكيفية التي يمكن ان تتنفس بها-ابحثها في جوجل-.

الفشل في استخدام الموارد

وهو نتيجة حتمية للإنجرار خلف الطموحات الجامحة او التقليد الأعمى وعدم التنبه والتركيز على ماهو متاح ويمكنه ان ينقلك خطوة بعد خطوة للأمام, وبالطبيعة فنحن ننجرف بسهولة لما يبهرنا ولا يبهرنا إلا ما لانملكه.

نقص العزيمة

إياك ان تتصور ان النجاح حتمي وانه موجود هناك وكل ماعليك القيام به هو افتتاح الشركة!! ان العقبات هي الحتمية والصعاب هي المقدرة وبقدر ما تكون لديك العزيمة الواعية والإصرار للإستمرار فإن نجاحك سيكون أقرب ولن تستطيع ان تملك عزيمة او إصرار بدون ان تملك الشغف بما تفعل لأن كثيرا من الصعاب لا يمكنك تخطيها دون ان تملك شغفا بعملك.

وأخيرا الخوف من الفشل

هناك عبارة قديمة مؤداها “أن الخوف هو ابو الآلهه جميعا” وكذلك في عالم الأعمال فإن الخوف هو ابو الفشل, ويمكنك مراجعة كل ماسبق وإضافة كلمة الخوف لكل سبب من الأسباب المذكورة وستجد فجأة ان السبب المذكور بدا وكأنه اتسع أوصار أكبر أو كأنه تضاعف ومالم تتعلم ان تتعايش مع ما تخافه وتخشاه فإنك لن تتقدم إلى أي مكان.

خاتمة

وفي الختام ارجو ان تبقي في ذهنك ان الأذكياء يدركون اللحظة التي هم فيها لا يعرفون ويدركون أيضا متى يجب عليهم ان يتعلموا وهزيمة الرجل تبدأ في اللحظة التي يكون حريصا فيها على نيل الإعجاب أكثر من حرصه أن يكون على صواب وإذا كان هناك خرقا في قاربك فلن تنجيك قوة التجديف.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى