دليلك إلى محفظة زبونك
كل صاحب مشروع يتمنى لو أوتي قدرة سحرية تمكنه من إقناع زبنائه باشتراء منتوجاته أو خدماته بيسر ، فتتحق له ما يطمح من الأرباح…
ولكن ما نيل المطالب بالتمني فقط…ولهذا فإن العديد من الناس تفشل في ترويج سلعها وخدماتها، فتفلس تجارتها؛ ويعزو بعضهم ذلك إلى قلة الحظ، أو الظروف الغير مواتية، أو غباء الناس وجهلهم. وكل هذه التعاليل خاطئة.
يمكن للحظ أن ييسر أمور الإنسان مرة، ومرتين، وثلاث مرات …ولكن من المحال أن يخرج مشروع ما للوجود ويتطور وينجح، ويستمر في التقدم بفعل الحظ فقط.
أما الظروف، فمهما تغيرت، توجد نخبة من الناس تستطيع أن تتأقلم معها وتحافظ على تجارتها. حتى في الأزمات الاقتصادية العالمية يبقى هذا صحيحا، بل وفي الحروب المدمرة كذلك…
أما الناس، فليسوا لا أغبياء ولا أذكياء، الناس هم الناس منذ قديم الزمان، منهم الغبي، ومنهم الذكي ، ومنهم متوسط الذكاء. ومن دون شك أنهم جميعا مستهلكون، والتاجر الذكي هو من يشكل خدمته أو منتوجه وفق طبيعة من يستهدفه.
إذن لماذا يفشل أولئك الناس في تسويق وبيع منتوجاتهم؟
لماذا يوجد هنالك من يستطيع ترويج سلعته بخفة ويسر فيقبل عليها الناس بشدة وكأنهم مسحورون بها.. ؟
جواب هذين السؤالين كامن في عملية عرض السلعة أو الخدمة..فمن كان عرضه مقنعا ينجح في البيع، ومن لم يكن عرضه مقنعا بما فيه الكفاية تركد سلعته بغض النظر عن جودتها وتميزها..
إذن كل نجاح تجاري له علاقة بفن الإقناع. وهذه السلسلة من المقالات ستدور كلها حوله، و بعد قراءتك إياها ستمتلك مفاتح محافظ زبنائك .
وأول ما سنبدأ به هو تعريف للإقناع.
1ـ تعريف عملية الإقناع
الإقناع هو عملية تعزيز أو تغيير المواقف، السلوك، والمعتقدات.
وإتقان هذه العملية مفتاح أساسي لنجاحك التجاري.
ومن المهم جدا أن تنتبه إلى أننا لا نقتنع دائما بشيء ما بسبب التفكير فيه ووزن ميزاته وسلبياته، بل إنه كثيرا ما يتم إقناعنا بأمور من دون أن نعي ذلك، أي من دون أن نعرف كيف تم ذلك، ويكون هذا نتيجة استجابتنا لإيماءات وانطبعات ومشاعر لاعقلانية اقتحمت فكرنا وأثرت فيه. وهذه طريقة مهمة في الإقناع يعرف محترفو الإقناع كيفية استغلالها للتأثير على الناس من دون أن يتلقوا منهم أي مقاومة ..ولهذا فقد أدرجناها في برنامج هذه السلسلة ، وسنتطرق إليها بعد انتهائنا من دراسة الإقناع الواعي.
2ـ الإقناع الواعي
الإقناع الواعي هو الإقناع الذي يتم عندما يكون الزبون أو الشخص الذي نرغب في إقناعه متيقظ الحواس والعقل، يلاحظ المقنع وهيئته ، ويستحضر ما سمعه عنه، ويركز على ما يقوله ، ويزن سلبياته وايجابياته.
للإقناع الواعي معادلة ذهبية متى تحققت شروطها حدث الإقناع:
الثقة + المصداقية = الإقناع
وهي تعني أن الإقناع الواعي سيتحقق متى حضرت الثقة والمصداقية.
1ـ2 الثقة
وأقصد بالثقة أن يكون المسوق أو التاجر مدعاة للثقة،أي أن يكون الموقف المبدئي للزبون من كلامه هو التصديق. وهذا أمر له علاقة بسمعة المقنع التي بناها لفترة طويلة، ومظهره، ولغة جسده، وطريقة كلامه، والانطباع الذي يتركه في نفس مخاطبه، و سندرس هذه العوامل كل على حدة.
السمعة
السمعة أمر بالغ الأهمية جدا، والخطير فيها أنها من الممكن أن تدمر في لحظة، مع أنها لا تتكون إلا بعد سنين من البناء.
ولهذا عليك أيها المسوق أن تنتبه إليها جدا، وتبنيها بأناة، وتدافع عنها، وأن تكون معاملاتك تساهم في تنميتها وتعزيزها.
الخداع والكذب والتزوير هم أدوات تدمير السمعة، وهم قد ينفعونك في صفقتك الحالية، ويدرون لك أرباحا مهمة، ولكنهم في المدى المتوسط سيدمرونك ويكونون سبب ركود سلعتك وخدماتك، وسيصعب عليك حينها تغيير موقف الناس منك وتجديد ثقتهم بك.
التاجر المميز هو من ينظر بعيدا، ويستميت من أجل تكوين سمعة جيدة، و يدافع عنها بكل ما أوتي من قوة. وهو قد يفرط في الربح في الصفقة التي بين يديه إن كان ذلك سيفيد سمعته، لأنه يوم يكتمل بناؤها ستجلب له آلاف الصفقات المربحة..
وتحقيق النفع المشترك هو أساس بناء السمعة، فحينما يحس زبناؤك أنك لا تسعى فعلا وراء مصلحتك فقط، أي أنك لا تؤمن بمقولة ” أنا وبعدي الطوفان”، وتسعى وراء تحقيق مصالحهم أيضا، يزداد صدقك في أعينهم، وتتبلور سمعتك، وتتناقلها الألسن، فيتهافت عليك الناس بسببها.
في الحلقة القادمة، سنتعرف على باقي العوامل التي ستجعلك في أعين زبنائك مدعاة للثقة ، وبها ستكون قد قطعت شوطا معتبرا نحو معرفة خفايا الإقناع الواعي لزبنائك؛ وخطوة جديدة نحو مفتاح محفظة زبونك.
لو لديك إضافات على ما قيل، أو ملاحظات، فلا تبخل بها علينا، واتركها في التعليقات لتعم الفائدة .