تسويق

تفاصيل بسيطة وغير مُكلفة ..لن ينساها عميلك

من حوالي شهرين تقريبًا خرجت مع أصدقائي لتناول العشاء في أحد المطاعم التي تقدم الأكل الهندي، وبعد أن انتهينا من تناول الطعام، جاء الجرسون وبدأ يشرح قائمة بأشهر أطباق الحلوى الموجودة في الهند، ومنعًا للمجازفة طلبنا منه أن يرشح لنا أحد الأطباق، وتفاجئنا عندما قال أنه سيقدم لنا الحلوى مجانًا كنوع من الترحيب.

خرجنا جميعًا سعداء في ذلك اليوم، وبعدها كلما تذكرنا تجربتنا مع المطعم، كان أول ما يخطر ببالنا هذا الترحيب الغير متوقع الذي جلعنا سعداء، لدرجة أننا نسينا كل شيئ وتذكرنا هذا الموقف.

بالنظر إلى تجربة المطعم تمر في ذهني قصة أخرى لأحد العملاء الذي يحكي تجربته مع أحد الفنادق في هونج كونج، ويقول أنه بعدما استلم الغرفة تفاجئ بوجود “بطة صفراء بمنقار أحمر” على حافة “البانيو”، وكان هذا فريدًا وغير متوقع بالنسبة له، ولكن الفكرة أعجبته، وكلما تذكر إقامته في الفندق كان أول ما يخطر في ذهنة “البطة الصفراء ذي المنقار الأحمر”.

هل لاحظت شيئًا من القصتين؟
بالطبع الشيئ الملفت للنظر هو أن العميل ربما يختزل تجربته الشرائية بالكامل في تفاصيل صغيرة يتذكرها أكثر من المنتج نفسه، وهذه التفاصيل تشكل جزءًا مهمًا من تجربة العميل الشرائية كلل، وتجعله يشعر بالرضا والسعادة ؛ فوفقًا لدراسة أجراها مجموعة من الباحثين في علم الأعصاب في كلية بايلور للطب في هيوستن، تأكد أن الأحداث الغير المتوقعة يمكن أن تؤدي إلى استجابات أكثر متعة في الدماغ وتظل مميزة.

ولهذا السبب تحاول العلامات التجارية الاهتمام ببعض التفاصيل الصغيرة والغير متوقعة أحيانًا؛ بهدف خلق تجربة مميزة لا ينساها العميل، إليك بعض هذه التفاصل البسيطة التي قد تساعدك على منح عميلك تجربة مميزة تجعله سعيدًا ويتذكرها أولًا عندما يستدعي تجربته الشرائية:

• اهتمام خاص:
سلسة مطاعم ” يونيون سكوير” التي يمتلكها “داني ماير” في نيويورك، تُصنف في دليل Zagat ضمن قائمة أكثر المطاعم شعبية، والسبب هو الاهتمام بالتفاصيل، حيث يطلق على “ماير” لقب ” سيد التفاصيل”؛ لأنه يدرب موظفيه على ملاحظة أدق التفاصيل حول الضيف ويعدون الطعام وفقًا لها.

على سبيل المثال، إذا ذكر العميل بالصدفة أثناء الحجز أنه سيكون “عشاء عيد ميلاد” يهتم المطعم بإعداد تجربة عشاء مميزة لهذا العميل مناسبة للحدث، وإذا سمع أحد العاملين محادثة بالصدفة لضيف حول أحد تفاصيل الطعام المفضلة لديه، في غضون دقائق يكون الفريق الذي يتعامل مع الضيف على علم بهذه المعلومة ويجهزون الطعام وفقًا لذلك، فيشعر الضيوف بنوع من الاهتمام الخاص ويحظون بتجارب لا يمكن نسيانها.

• لست مجرد زبون:
اطلب من موظفيك التعرف على كل عميل بشكل خاص، واستقباله بابتسامة وتوجيه التحية له باسمه، وإذا لم يكن موظفيك متأكدين من الأسم فمن الممكن سؤاله، “السيد فلان أليس كذلك؟”.

فبالرغم من أنها مجرد تفاصيل ستتكلف مجهودًا بسيطًا من موظفيك، إلا أنها ستجعله يشعر بأنه مميز وليس مجرد زبون عابر؛ لأن الناس يحبون الترحاب بهم بشكل خاص ويشعرون بالود نتيجة لذلك؛ قال لي أحد زملائي ذات مرة أنه يحب الذهاب إلى أحد الكافيهات؛ لأن العمال يتذكرون اسمه ويستقبلونه بالترحاب في كل مرة.

• لمسة فريدة أو غير متوقعة:
الإبداع في إضافة لمسة غير متوقعة لخدمتك وكسر الروتين من أهم الوسائل التي تخلق تجربة مميزة مع عميلك؛ ففي أحد المطاعم الشهيرة في القاهرة يتجسد هذا الابداع؛ فإذا ذهبت إلى هناك تتفاجئ أنه يمكنك – بخلاف تناول الطعام -الرسم والتلوين، ولاحظت أن الزبائن يتذكرون هذا المطعم من خلال الرسم والتلوين.

أيضًا سلسة مطاعم “جرين جروسر” الشهيرة أهم ما يميزيها أنك تستطيع تحديد أحد الأكلات والذهاب لطهيها مع “الشيف”، هذه أيضًا طريقة فريدة لكسر الروتين وخلق تجربة مميزة.

• نحن نتذكرك:
أحد التفاصيل الهامة التي تعلق في ذهن العميل هو تذكر تفضيلاته الهامة؛ فيجب أن يعرف عملائك أنك لا تهتم بتفضيلاتهم فحسب، ولكنك تتذكرها في كل معاملة، وهذا يمنح العميل تجربة لا تنسى وقدرا كبيرًا من الولاء.

فعلى سبيل المثال، في أحد المقاهي التي اجلس عليها انا وصديقي، كان القهوجي يعد القهوة المفضلة لنا بمجرد وصولنا للمقهى، وكان يأتي للتأكد من جودتها ورأينا، فكنا نشعر بأننا ننتمي إلى هذا المكان وكان هذا شيئًا مميزًا لتجربتنا.

• التقدير والاتصال العاطفي
إحدى الزبائن كانت تريد إرجاع حذاء اشترته من ” Zappos”، ولكنها تأخرت عن ذلك بسبب وفاة زوجها، وعندما أخبرتهم اعتنوا بشحن المنتج المرتجع وبدون تكلفة، ولم يكتفوا بذلك، ولكن في صباح اليوم التالي وصل إلى منزل الزوجة باقة من الزهور ونعي من فريق ” زابوس”، هل من ممكن أن تنسى العميلة هذه التجربة في يوم من الأيام ؟!

وجد الباحثون أن 50% من تجربة العملاء تعتمد على المشاعر؛ ولذا فهناك العديد من التفاصيل التي تعكس التقدير وتُحدث فرقًا كبيرًا في تجربة عميلك، مثل توجيه عملائك نحو الباب، أو حمل مشتريات العملاء إلى السيارة خاصة النساء وكبار السن..إلخ

• هدايا مجانية:
أحد أهم التفاصيل التي تعلق في ذهن العميل هو منحة أي شيئ تحت مسمى مجاني، حتى ولو كان شيئًا بسيطا، هل تتذكر المطعم الهندي؟!

أثبتت الدراسة التي أجراها ” غريغوري سيوتي Gregory Ciotti ” أن العملاء من الممكن أن يتخلوا عن تفضيل علامة تجارية لصالح علامة تجارية أخرى إذا كان تمنحهم شيئًا مجانيًا، ويزداد هذا المفعول إذا كان هذا غير متوقع.

في النهاية تذكر أن كل العلامات التجارية ربما تجيد فعل الأشياء الكبيرة أو المعتادة ولكن ما يحدث الفرق هو التفاصيل البسيطة؛ فليس كل الفنادق لديها بطة صفراء بمنقار أحمر، أيضًا ينبغي العلم أنه مثلما يختذل العميل تجربة الشراء في بعض التفاصيل الإيجابية ربما يختزلها في بعض التفاصيل السلبية أيضًا، ويعممها على التجربة ككل، ولذا يجب أن تهتم ببكل التفاصيل الصغيرة التي ربما يلاحظها عميلك وتنعكس على تجربته الشرائية.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى