اطروحات

استراتيجية “الجودو”.. سلاح الشركات الناشئة في مواجهة “حيتان السوق”

على عكس جيل آبائنا، يتجه عديد من الشباب اليوم لعالم ريادة الأعمال، وتأسيس “البيزنس” الخاص بهم، حيث ترفض نسبة كبيرة من شباب اليوم فكرة الوظيفة، ولكن السوق اليوم به عمالقة، في مختلف المجالات، وليس سهلا على شباب في بداية حياتهم المهنية أن يدخلوا في منافسة مع حيتان السوق واللاعبين الكبار فيه.

ولكن لحسن الحظ أن هذا الطريق ليس مسدودا، فهناك حل يمكن أن تلجأ إليه عديد من الشركات الناشئة، سيساعدها على النجاح في أي سوق رغم وجود منافسين كبار، ويتمثل هذا الحل في “استراتيجية الجودو”.
هل سمعتم عنها من قبل؟

“الجودو” هي استراتيجية تطّبق في عالم الأعمال، وتستمد مبادئها من لعبة الجودو اليابانية، وهو مصطلح صاغه الاقتصاديان جوديث جيلمان وستيفن سالوب عام 2001، لوصف الاستراتيجية التي لابد أن تطبقها الشركات الناشئة التي تبدأ في قطاع يهيمن عليه منافس كبير.

فمثلما يقوم لاعب الجودو باستخدام ثقل وقوة خصمه لصالحه، بدل من توجيه ضربة مباشرة، تستخدم الشركات هذه الاستراتيجية لتتغلب على منافسها القوي.

وتعني استراتيجية الجودو: خطة لإدارة الشركة باستخدام السرعة وخفة الحركة للتخفيف من تأثير منافسيها، وكذلك توقع واستغلال التغييرات في السوق من خلال عروض المنتجات الجديدة.
تتكون استراتيجية الجودو من ثلاثة مبادئ رئيسية وهي:

1- الحركة: حيث تستغل الشركة الناشئة حجمها الصغير لتتحرك بسرعة لتحييد مزايا المنافس الأكبر، أي الإخلال بتوازن الخصوم، وتحييد الأفضلية التي يتمتعون بها في البداية.

2- التوازن: لاستيعاب ومواجهة تحركات المنافس، ويساعد التوازن الشركة الناشئة في الاشتباك مع الخصم والنجاة من الهجوم.

3- تعزيز الفّعالية: باستخدام نقاط القوة التنافسية للمنافس وقلبها ضده.

قد يبدو هذا الكلام معقدا للبعض أو مجرد كلام نظري للبعض الآخر، لذلك دعونا الآن نرى كيف يمكن أن تطبق الشركات الناشئة هذه النظرية على أرض الواقع من خلال استعراض أهم وأبرز آليات استراتيجية الجودو:

أولا: رّكز جيدا على عملك الأساسي
من يطبق استراتيجية الجودو يجب أن يملك قدرة كبيرة على الحفاظ على تركيزه، وذلك بغض النظر عن مدى جاذبية الفرص الخارجية التي تظهر، حيث يجب أن ينصب تركيزك على الأعمال الأساسية وتطوريها بدلاً من الأفكار المساعدة.

غالبًا ما يكون “تفرد التركيز” عاملاً حاسمًا للنجاح في استراتيجية الجودو، حيث تعتبر استراتيجية الجودو فن الاستبعاد بقدر ما هي فن الإدماج، أو التخطيط لما ستفعله.

مثال على ذلك رجل الأعمال هالسي مينور الذي أغرق شركته CNET تقريبًا لعدم تركيزه عليها وهي أساس نشاطه التجاري، حيث قام بتحويل موارده الأساسية لمشروع Snap.

ثانيا: احتفظ بالموقف الهجومي ولكن تجنب الهجوم المباشر:
اتخذ وضع الاستعداد للهجوم، ولكن تجنب الهجوم المباشر ومواجهة المنافس وجها لوجه، فأنت كشركة ناشئة لا تزال صغيرة أو في بدايتها، من الحماقة أن تهاجم شركة أكبر منك بكثير، كما بالضبط يعد الهجوم على جيش 10 أضعاف حجم جيشك مهمة انتحارية.

وهذه الآلية تعني أن تفعل مثل ممارس الجودو الذي يسعى إلى كسر قدم خصمه وتحويل أي هجمات مضادة قد يطلقها الخصم لضربة موجهة للخصم نفسه.

أما من منظور الأعمال التجارية، يمكن للأعمال التجارية الصغيرة استخدام مرونتها وقدرتها على تغيير نقاط هجومها لإرباك منافس أكبر قد يكون قد عزز بشكل صارم عملياته في اتجاهات معينة ويصعب عليه التكيف مع تغييرها.

ثالثا: التخطيط
خطأ شائع أن يعتقد عديد من الناس أن الشركات الناجحة التي نتحدث عنها تحيا بذكائها فقط، فجميع متبنو استراتيجية الجودو يخططون من سنتين إلى ثلاث سنوات مستقبلا، ويتطلعون إلى ما وراء ضغوط ومشاكل اليوم إلى التحديات المستقبلية.

ويؤكد المسؤولون التنفيذيون في شركات مثل Inktomi و eBay و Palm أن التخطيط طويل المدى ضروري، وبغض النظر عن مدى سرعة تحركك، تحتاج إلى توقع تحركات المنافسين واحتياجات العملاء وإجراء استثمارات طويلة الأجل التي لن تؤتي ثمارها بالضرورة في غضون أسابيع.

ومع ذلك، أثناء التخطيط على المدى الطويل يجب أيضًا أن يكون استراتيجيو الجودو الجيدون مستعدين لـ “إعادة التجربة”، أو إعادة المحاولة من جديد إذا لم تنجح خطتهم الأولى التي وضعوها.

أي أن “إعادة التجربة” من منظور الجودو تعني استخدام الوعي الظرفي والمكاني للتفكير في مكان وزمان تغيير التحركات الهجومية، مما يسمح للشركة بالاستفادة من فرصة جديدة للهجوم، كما يجب على الشركات الناشئة، على وجه الخصوص، أن تظل على دراية بموقفها وحالتها واحتمالات التقدم من خلال اعتماد نهج جديد.

رابعا: ابحث عن قوة ونفوذ وتأثير منافسك في أغرب الأماكن:
للتطبيق الصحيح لاستراتيجية الجودو يجب أن تبحث عن نقاط قوة منافسك وتقلبها لنقاط ضعف، فهذه الاستراتيجية تستمد قوتها بشكل أساسي من التفكير المعاكس.

وتمتلك الشركات الناشئة بشبابها قدرة على التفكير خارج الصندوق ورؤية العالم كله بطريقة مختلفة، وفي هذه الحالة حتى كبار المنافسين لن يتنجحوا في الرد على ذلك.

وفي حالة كونك شركة كبيرة ترغب في تطبيق الاستراتيجية، يجب عليك أن تطرح الأسئلة باستمرار وتتعلم الجديد وتسمح بتدفق الفكر الشبابي في مؤسستك.

خامسا: قّرر الآن وليس غدا:
أخيرًا، يبدأ العديد من استراتيجي الجودو تطبيق الاستراتيجية بنية حسنة ولكن ينتهي بهم الأمر إلى استنفاذ مواردهم في معارك خاسرة، خاصة في مجال المنافسة عبر الإنترنت.

دعونا نأخذ ما فعله ديفيد بوتتروك -الرئيس التنفيذي المشارك لتشارلز شواب- مثالا على ذلك، حيث اتخذ بوتتروك وفريقه قرارًا صعبًا بتفكيك أعمال السمسرة الناجحة لشركتهم لصالح التداول عبر الإنترنت، وجاء قرار الانخراط في التدوال عبر الإنترنت كي لا يستنزفوا أموالهم في معركة خاسرة، ويؤثروا في نهاية الأمر على صافي أرباح الشركة.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى